الجمهورية العربية المتحدة فى عام 1958 و1959
هنا حقيقة ينبغى لنا أن نبرزها،و أن نسترعى إليها الأنظار … وهى موقع الاقليم المصرى الذى تنفرد به دون جميع الأقاليم التى تقع على النيل. ذلك أن مصر تقع على أحباس النيل السفلى .. كما أن حق ارتفاقها للنيل أمر مضت بتسجيله الأجيال والقرون. وتنبنى على هذه الحقيقة حقيقة أخرى وهى أن مصر تتأثر بالمشروعات المائية التى تقام إلى جنوبها بينما لا يتأثر الجنوب بالمشروعات التى تقام فى مصر … لأن المشروعات التى تقوم فى الجنوب تستغل المياه قبل وصولها الى مصر … لأن المشروعات التى تقام فى الأراضى المصرية لا تستغل المياه إلا بعد أن تغادر الأقاليم الجنوبية فى طريقها إلى المصب .. إلى البحر. ومن هنا ترتب لمصر الحق فى قبول أو رفض أى مشروع يقام على النيل فى غير أراضيها، ويمكن أن يؤثر على هذه الحقوق … كما أنها غير ملزمة بالدخول فى مشاورات مع الأقاليم الجنوبية فى مشروعات الماء التى تقوم بها فى أراضيها .. اللهم إلا فى صورة واحدة وهى تأثر بعض أراضى الأقاليم الجنوبية بطغيان المياه المخزونة .. وفى هذه الحالة يكون للأقليم الواقع فى الجنوب التعويض الذى يتواضع عليه العرف الدولى، أو ينتهى إليه الاتفاق. ذلك هو الوضع الطبيعى بيننا وبين السودان، هى قضية تحلها جلسة واحدة فى مفاوضات ودية بين الأخوين إذا ارتفعت عنها أصابع الاستعمار .. وبخاصة إذا لاحظنا أن المشروع لا يفيد مصر وحدها، وإنما يفيد السودان فائدة تزيد فى حجم الاقتصاد الزراعى عن الفائدة التى ستجنيها مصر.
من كتاب الجمهورية العربية المتحدة فى عام 1958 و1959
طاهر أبو فاشا
شارك هذه الصفحة مع أصدقائك وادعوهم للمشاركة والاطلاع :
مرتبط